الراصد لواقع أمة المسلمين اليوم لا يعرف على وجه اليقين ما إذا كانت هذه الأمة جادة في البحث لها عن دور فاعل يخرج بها من صفوف دول العالم الثالث المتخلف المفعول به دائماً، أم أنها اكتفت بهذا الانكماش والانبطاح طوال هذه القرون. فليس يعد حكيماً من لم يكن لنفسه خصيماً وحسيباً،
لذا آن أوان النظر في أحوالنا كي نعرف أين نحن من السبيل إلى استرداد الاعتبار بعد أن صرنا إلى ما نكره. ترى هل لم يبق لنا من
أمل إلا في زمن آخر وعلى يد جيل آخر؟
ولا يحق لنا أن نندهش ونتساءل عن سبب هوان المسلمين ومذلتهم، فذلك أمر حتمي يتيسر فهمه في ضوء السنن والنواميس. فأعداؤنا عملوا واجتهدوا ونحن تكاسلنا وتقاعسنا. هم صنعوا أسلحتهم التي يقهروننا بها، ولم نقو على صنع شئ – أي شئ – لا الطائرة أو السيارة أو المدفع. هم يحسنون استثمار أموالهم، ونحن نودع أموالنا في بنوكهم، فيستثمرونها في تنمية اقتصادهم وتعظيم قوتهم، ويصادرونها إن عصينا أوامرهم. حكمهم ديموقراطي ولا يقوى حاكمهم على نهب أموال العباد ولا يعلو على القانون، وملوك المسلمين ينهبون أموال بيت المال لأنهم السلاطين والمماليك، ويودعونها في بنوك سويسرا وأمريكا. هم يرصدون للبحث العلمي أموالاً طائلة، فغزوا الفضاء وصنعوا الصواريخ والأسلحة الفتاكة والأقمار الاصطناعية، ونحن بأموالنا الطائلة لا نمارس أي أنشطة بحثية جادة. وكأن البحث العلمي عبث والعلم نفسه ترف، فمازلنا نبحث في السماء عن هلال شهر رمضان بالأعين المجردة مثلما كان يفعل البدوي في البادية منذ 1400 سنة الصهاينة مشغولون بصنع الطائرات والصواريخ والقنابل الذرية، وسلاطيننا مشغولون بسباق الجِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِمال، الصهاينة يصنعون الأقمار الاصطناعية وأثرياء البدو ومليونيرات البترول مشغولون – أى والله – بالرقص بالسيوف على نقر الدفوف وهم يرفلون فى جلابيبهم البيضاء فى احتفالات تبثها الفضائيات بثاً مباشراً وكأنها أحداث جلل . نشجب انحياز أمريكا ونندد بمساعدتها إسرائيل، ولكن نشترى السيارات والمأكولات والمشروبات الأمريكية.
نحن العرب ظاهرة صوتية آن لها أن تفيق من غفلتها أو تخرج تماماً من التاريخ وتصبح أثراً بعد عين. الأجيال القادمة ستلعن آباءها الأولين الذين غفلوا وفرطوا واستهانوا، فهانوا على أنفسهم وأعدائهم .
ألا ترون عدل أن نكون نحن العبيد وهم السادة ؟
هم المنتصرون ونحن المنهزمون ؟
هم الأعزة ونحن الأذلة ؟
أذ مددنا للذل أعناقنا، وهيأنا ظهورنا للركوب فامتطانا كل راكب. وسيبقى الحال على ماهو عليه حتى إشعار آخر
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ... صدق الله العظيم
هذه حقيقه
هذه حقيقه
فالمشكلة الحقيقية ليست مشكلة علم وتكنولوجيا، بل هي مشكلة عقلية تحكمها مفاهيم القبلية والريعية، والخوف من القريب.. والشكّ بكلّ ما يمتّ إلى العرب بصلة. يقابل ذلك ـ في الوقت نفسه ـ الاستسلام التام للغريب، والثقة المطلقة بنواياه ومخططاته، وتسليمه مقاديرنا الاستراتيجية والاقتصاديّة والمالية والمستقبلية. فلابدّ من تغيير لهذه العقلية المتخلّفة ومفرزاتها، في إطار تغيير مجتمعي بنيوي قائم على دراسات تنبؤيّة ذات طبيعة مستقبلية استراتيجية شاملة، تأخذ بحسبانها التكامل العربي، والاستغلال العقلاني الأمثل لمواردنا العلمية والمالية والطبيعية، والبشرية بوجه خاص.
No comments:
Post a Comment