July 31, 2010

ثورة يوليو 1952

الحديث عن الثورة المصريه
لا يرتبط فقط بدراسه حتميه هذة الثورة وحتميه قيامها
بل هو يرتبط ايضا وبالأساس للتكوين النفسى والرؤيه السياسيه لمن قاموا بها
فلا يكفينا ان نقول ان الوضع السياسى فى مصر كان يحتم القيام بالثورة للاسباب التاليه
ثم نعدد هذة الاسباب وما اكثرها
دون ان نتطرق فى حديثنا الى أسباب نجاح هذة الثورة ومن قاموا بالثورة

لماذا نجح عبد الناصر ورفاقه
فيما فشل فيه سلسله طويله من ابطال النضال الوطنى
ابتداء من احمد عرابى وانتهاء بمحمد فريد

الاجابه على هذا السؤال تحتم علينا الاجابه على سؤال آخر وهام وهو :
هل كان عبد الناصر ورفاقه قارئين جيدين للتاريخ المصرى؟

فى الحقيقه ومن وجهه نظرى الخاصه فأن الأجابه هى .... نعم
وهذا ليس فقط ردا فى أسباب نجاح الثورة
بل أيضا فى حساسيتها المتطرفه فيما اتخذته من قرارات بعدها
شكلت البناء الاساسى للثورة فيما بعد ومن ثم التوجه السياسى لها كدوله جديدة

فالدارس للثورة المصريه
يعلم ان العقل والقائد والمخطط الحقيقى للثورة كان جمال عبد الناصر
فهو من خطط لها ووضع اهدافها وشكل تنظيمها
وما كان رفاقه إلا الأداة التى استخدمها للقيام بهذة الثورة
وهذا ما وضحته سيطرة عبد الناصر على رفاقه وطاعتهم له قبل وبعد القيام بالثورة
بغض النظر عن خروج البعض منهم فيما بعد عن هذة الطاعه
والذى بينه وقوف الرفاق جميعهم فى صف عبد الناصر ضد الثائرين على طاعته

لم تكن اسباب تلك الطاعه فى كاريزما عبد الناصر
التى سحرت الملايين فيما بعد كما يعتقد الكثيرون
بل كان السبب يرجع فى ثقه هؤلاء الرفاق العمياء فى عبد الناصر
ولم لا
وهم يعيشون سلامه الثورة التى فشل فى تحقيقها سلسله طويله من الزعماء الوطنيون
بفضل سلامه تخطيط عبد الناصر لها
وبفضل قيادته وانتصارة فى كافه معاركها فيما بعد .

هذة الحقيقه المجردة
هى التى ادت فيما بعد إلى ما عرف "بالديكتاتوريه الناصريه"
حيث لم يعد هناك صوتا فوق صوت عبد الناصر ولا رأيا فوق رأى عبد الناصر
ثقه فيه .. ربما
بعدا عن بطشه .. مؤكدا

والقارىء لتاريخ الثورة
يعلم ان عبد الناصر وعى درس الزعيم أحمد عرابى جيدا
فأمن ثورته من تدخل الجيش البريطانى المرابط فى حديقه منزله بمنطقه القناة
سواء بسرعه الاتصال المباشر بقيادة هذا الجيش والمندوب السامى البريطانى لتحييدة
او باللأعلان الرسمى بأن تلك الثورة عمل داخلى محض يخص المصريين وحدهم
أو سواء بسرعه الاتصال بمسئولى السفارة الامريكيه
واقناع السفير الامريكى بحتميه قيام الثورة ضد الملك والفساد السياسى الذى يعم البلاد

وهو الأمر الذى أغرى المحللين السياسيين الأمريكان إلى تبنى هذة الثورة التى ستقضى على النفوذ البريطانى فى مصر
المتمثل فى طبقه الباشوات من زعماء الاحزاب المتشبعين بالولاء التاريخى لبريطانيا العظمى

والقارىء لتاريخ الثورة
يعلم ايضا كيف أفرزت ثورة 1919 استقلال مصر عام 1922
ثم نكسه هذة الثورة بالموافقه على الانتداب البريطانى لمصر
مما افرغ هذا الاستقلال من مضمونه
وترك أثارة فيما بعد عندما فاوضت الثورة بريطانيا على الأستقلال عام 1954 بعد نجاحها .

والقارىء لتاريخ الثورة
يعلم كيف اثرت معاهدة 1936 التى وقعها باشاوات حزب الوفد على فكر رجال الثورة
والتى ناشد فيها الباشاوات المحتل البريطانى على الموافقه على التحاق أبناء الفلاحيين المصريين بالجيش المصرى
وكيف أدى ذلك الأمر إلى إسراعهم بالألتحاق بالكليات العسكريه قبل الثورة
ثم التخطيط لهذة الثورة فور تخرجهم منها

والقارىء لتاريخ الثورة
يعلم كيف أثر الانذار البريطانى التى وجه المندوب السامى البريطانى ( حاكم مصر الفعلى ) عام 1942 الى الملك فاروق
(رمز السيادة المصريه) على رجال الثورة
والذى أمر فيه المندوب السامى البريطانى ملك مصر بتسليم رئاسه الوزراء الى دميتهم المفضله النحاس باشا وحزب الوفد خلال 24 ساعه
وإلا فقد الملك عرشه
وكيف أنعكست هذة الأهانه على شرفهم العسكرى وأنتمائهم الوطنى
مما أثر على تعاملهم مع النحاس باشا وحزب الوفد فيما بعد
بعد نجاح الثورة

والقارىء لتاريخ الثورة
يعلم بأن الثورة قامت للتخلص من الأحتلال العثمانى والبريطانى
وكيف ادى تحالفهما معا ضد ثورة أحمد عرابى الى خضوع مصر لهذا الاحتلال لمدة 77 سنه
مما أدى – فيما بعد - إلى قناعتهم التامه فى رفض كل المشروعات الامريكيه
التى حاولت ربط مصر بعد خروج البريطانيين لمنظومه سياسيه امريكيه (حلف بغداد)
تضم مصر وتركيا (دوله الأحتلال) وبعض دول الشرق الاوسط ومنها اسرائيل
دون ادنى اعتبار للعداء الطبيعى للثوار تجاة تركيا واسرائيل
مما ادىء إلى حدوث الجفاء الامريكى مع رجال الثورة
وتحوله فيما بعد إلى عداء مرير مع توجه مصر للتسليح الشرقى
بعد رفض الولايات المتحدة تسليح الجيش المصرى

كذلك فى رفض رجال الثورة للأنذار البريطانى - الفرنسى عام 1956 أبان العدوان الثلاثى على مصر

واخيرا
لايمكن انكار قراءة عبد الناصر لتجربه محمد على باشا واعجابه بها وتبنيها بعد تمصيرها
خصوصا من ناحيه التحول من الأعتماد الكلى أقتصاديا على الزراعه وحدها
للأعتماد على التصنيع الثقيل وتمصير المؤسسات الأقتصاديه الكبيرة بل وتأميم بعضها
لخدمه أعادة بناء الأنسان المصرى المعاصر
عن طريق العمل على تشجيع التعليم المهنى والمتوسط والعالى والأبتعاث التعليمى لجامعات أوروبا وأمريكا

لذلك فإن قراءة التاريخ أمر واجب لا بد وأن يوضع فى الأعتبار دوما عندما نريد نقد بعض مراحل هذا التاريخ

ومن هذا المنطلق أدعوكم – جميعا – لقراءة التاريخ المصرى حتى نفهم وننتقد معا ثورة 23 يوليو عام 1952

No comments:

Post a Comment